الحمد لله الذي جعل معالم الإسلام ظاهرة وجعل مدارسها عامرة وسخر لهذه المعالم على طول الزمان من ينفق عليها ويهتم بها، وأصبحت هدفاً للتنافس بين الصالحين وبين الأمراء والسلاطين، إلى أن حلّت بديار المسلمين الفتن والضعف والوهن فهدمت معالم ودمرت أركان وأصبحت مراتع للغربان.
ورغم هذا فإن الجاولية أحد هذه المعالم ما زالت شاهدة على صفاء العقيدة وعلى إخلاص القادة الذين أوقفوا مثل هذه المعالم.
الموقع:
تقع الجاولية في الرواق الشمالي للمسجد الأقصى المبارك وبالتحديد في الزاوية الشمالية الغربية بجانب المدرسة العمرية على الجزء الصخري من الحائط.
المنشئ:
منشئ المدرسة ومؤسسها هو الأمير علم الدين سنجر الجاولي وأصله من آمد من ديار بكر، عمل سنجر مع الناصر محمد كحاكم لغزة ثم اعتقل بعد ذلك وبعد أن أمضى فترة أفرج عنه وعادت له إمارته في القاهرة، حيث عمل مفتشا لمدرسة ومستشفى قلاوون.
بعد وفاة الناصر أرسل سنجر إلى حماة كحاكم ثم إلى غزة مرة أخرى ثم عاد إلى القاهرة ليترأس القوات المحاصرة لأحمد بن الناصر في الكرك. بنى مدرسة وتربة في القاهرة ومسجداً وأروقة في غزة إلى جانب ساحة عامة ومكان إقامة رسمي وحماماً وخاناً ومستشفى، كما بنى خان ومسجد في اللد وقناة مياه في أرسوف ومسجداً في الخليل.
ولد في عام 653هـ/1255م، وتوفي في عام 745هـ/1345م. وكان عالماً تقياً متخصصاً بالفقه الشافعي ذكره السبكي في أكثر من موقع.
تاريخ الإنشاء:
أسست المدرسة في عام 685هـ في الفترة المملوكية وهي الفترة التي كان بها سنجر حاكماً لمنطقة فلسطين وغزة، ولا توجد على المبنى نقوش ويبدو بأن النقوش قد أزيلت، ففي بداية القرن الخامس عشر أعيد ترميم الجاولية لاستعمالها كحاكمية للقدس واستخدمت في الفترة العثمانية كمقر للحكم العثماني حتى عام 1870م عندما انتقل الباشا الجديد إلى السرايا بقيت فارغة، وفي زمن حكومة الانتداب البريطاني اتخذت مقراً للشرطة وفي عام 1938م اتخذها المجاهدون مقراً للجهاد المقدس، وفي الأربعينات ومع بداية الحكم الأردني أصبحت جزءاً من المدرسة العمرية، وهي ما زالت حتى هذا اليوم جزء من المدرسة ولكنها خراب.
وصف المدرسة:
تتكون الجاولية من إيوان كبير على جهة القبلة وعلى جانبيه غرفتين على الناحيتين وتطل على الحرم عبر خمس نوافذ ولها واجهات من الحجر الأبلق شرقي هذه الغرف الثلاث أقيمت هناك مباني جديدة تخص المدرسة العمرية وهي مدرسة ابتدائية افتتحت عام 1923م وهناك ساحة مستطيلة شمال الغرف الثلاث المدخل إليها من الشمال عبر شارع السراي سابقاً وهو طريق الآلام اليوم.
وهناك غرف من النواحي الشرقية، الشمالية، والغربية للساحة، في زمن الاحتلال الصليبي أضيفت غرفة استعملت ككنيسة لفرسان الهيكل.
حينما تم تحرير القدس عادها الأيوبيون واستعملت هذه الغرفة كقبر لأمير أيوبي، معظم المدرسة تم تدميرها في العشرينات ولم يبقَ منها إلا آثار بسيطة وجميع المباني المحيطة بها مباني عثمانية.
المدرسة اليوم:
ما زالت المدرسة خربة بقي منها غرفتان فقط، وقد تم افتتاح نفق الدماء من تحتها وهي تستخدم اليوم كبرج من قبل الشرطة الإسرائيلية والسياح الأجانب لمراقبة ما يجري في المسجد الأقصى المبارك.
ختاماً:
إننا نتوجه إلى مسؤولي الأوقاف وإلى من يهتمون بمعالم المسلمين إلى التنبه إلى موقع هذه المدرسة حيث أنها تشكل في الوقت الحاضر نافذة حية وسريعة على المسجد الأقصى المبارك لذا ينبغي أن يعاد ترميمها وأن تستغل من أهلها قبل فوات الأوان.
وإلى معلم آخر من معالم النور والمدرسة الكريمية في حلقة قادمة بإذن الله تعالى.