فهمي هويدي
س: هل يستطيع الإخوان المسلمون أن يستولوا على السلطة في مصر؟
ج: هم ليسوا منظمين على نحو كاف، وليس بمقدورهم الإقدام على هذه الخطوة، خصوصا أن الأوضاع الاقتصادية في مصر سيئة للغاية، وقد أعلنوا أنهم لن يرشحوا أحدا لرئاسة الجمهورية حيث لا يريدون أن يتحملوا عبء الوضع المتدهور. وغاية ما يطمحون إليه هو أن يحققوا إنجازا يضمن لهم ثلث المقاعد في الانتخابات التشريعية المقبلة.
هذا الحوار جرى في لجنة الشؤون الخارجية والأمن بالكنيست الإسرائيلي، والسائل هو نائب اسمه آريه الداد، أما المجيب فهو رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية افيف كوخافي والحوار أشار إليه كاتب بارز في صحيفة «معاريف» هو بن كاسبيت، ونشر يوم 8 يوليو الحالي.
المقال كان عن ربيع الشعوب العربية كما يراه رئيس الاستخبارات العسكرية الذي ركز حديثه على سوريا ومصر. وذكر أن الاضطرابات في سوريا تشمل ما بين 20 و30 مدينة وأن عمليات القمع التي يباشرها الجيش لم توقفها، كما أن خطوات الإصلاح التي أقدم عليها الرئيس بشار الأسد لم تحدث مفعولا يذكر. في ذات الوقت يرى الرجل أن الجيش السوري منهك وأن الوضع الاقتصادي يتدهور بسرعة مما أدى إلى فقدان ثلث الاحتياطي من العملة الصعبة وفي تقديره أن الرئيس الأسد لا يزال قادرا على أن يطيل ما سماه «حرية الوجودية» لسنة أو سنتين.
في تصور الاستخبارات العسكرية أن الوضع الاقتصادي في مصر لا يختلف كثيرا. ذلك أن الحكومة أصبحت تستجدي شطب الديون في الولايات المتحدة، وتتطلع إلى تدفق المليارات من السعودية ودولة الإمارات، لكن الاستجابة لا تزال جزئية. كما أن الحكومة تعلق أملها على الأسرة الدولية، حيث المطلوب مشروع «مارشال» عاجل لإنقاذ الاقتصاد المصري.
الصورة المرسومة في المقال عن سيناء قاتمة، ففي رأي الاستخبارات إن الوضع يتدهور بسرعة أشد ويقترب من الفوضى الشاملة، وأن هناك 300 ألف بدوي ينتمون إلى أربع قبائل مشتبكة مع النظام المصري، وتسيطر على ما وصف بأنه «الشرق المتوحش» الذي يعد منطقة سائبة لا سلطان للدولة المصرية عليها.
حين تطرق إلى الإخوان المسلمين وقال قولته التي سبقت الإشارة إليها، أضاف أن شباب الإخوان اختلفوا عن الصورة التقليدية المستقرة في الأذهان، المتمثلة في ارتداء الجلابية البيضاء، والنعل (الشبشب) القديم ذلك أن أجيالهم الجديدة أصبحت ترتدي الجينز والقمصان ذات الأكمام القصيرة ويحمل الواحد منهم جهاز كمبيوتر (لاب توب) حيثما ذهب، وهذا التغيير ليس مقصورا على الإخوان وحدهم. كما تراه الاستخبارات العسكرية حيث ارتأت أن ثمة تغيرا نوعيا في الشارع العربي إذ أصبح أكثر جرأة، في حين أصبحت الأنظمة أقل جرأة، وفي تقديره أن في العالم العربي نحو مائة مليون شاب تتراوح أعمارهم بين 15 و29 سنة، وهؤلاء لديهم مشاكل كثيرة في العمل والسكن، لكنهم خلافا للأجيال التي سبقتهم أكثر وعيا بحقوقهم، وعلى إدراك كاف بما يحدث في العالم حولهم.
في رأي الكاتب إن أجهزة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية التي تتابع بدقة ما يجري في العالم العربي وتلهث وراء المواقع الإلكترونية لكي تتحسس نبض الشارع فيه، تقدر أنه سيمر عقد من الزمان أو عقدان لكي تتبلور لديها بوضوح صورة مستقبل العالم العربي، إشارة في هذا الصدد إلى أن الاستخبارات تدرك عمق الصراع بين التيارات الإسلامية المحافظة والتيارات الأخرى الليبرالية المتعلقة بالنموذج الغربي. كما أنها ترصد مؤشرات حركة شباب الطبقات الوسطى ومظاهر اتساع الفجوة بين الأنظمة وشعوبها، ودلائل عدوى التمرد السياسي وتراجع هيبة الأنظمة الحاكمة التي انتقلت من تونس إلى مصر ومنها إلى الأقطار العربية الأخرى.
خلص بن كاسبيت من استعراضه إلى أن هناك أكثر من تحد ينتظر الاستخبارات العسكرية في تعاملها مع العالم العربي، إذ عليها أن ترصد باستمرار الرسائل التي تبث عبر شبكات التواصل الاجتماعي في الدول المحيطة باختلاف مصادرها، كما أن عليها أن تبحث عن اختراع برنامج يمكنها من الانخراط في فوضى الشبكات الاجتماعية التي تعتمل في العالم العربي، ويترجمها إلى تقرير استخباري يفيد المخطط الاستراتيجي الإسرائيلي.
الشرق، الدوحة، 24/7/2011