[عدل] ولادته ونشأته
ولد الشيخ عزّ الدين القسام (20 نوفمبر 1882 - 1935 ) في بلدة جبلة في محافظة اللاذقية في سوريا 20. والده عبد القادر بن محمود القسام. كان منذ صغره يميل إلى العزلة والتفكير. تلقى دراسته الابتدائية في كتاتيب بلدته جبلة ورحل في شبابه إلى مصر حيث درس في الأزهر وكان من عداد تلاميذ الشيخ محمد عبده والعالم محمد أحمد الطوخي.كما تأثر بقادة الحركة النشطة التي كانت تقاوم المحتل البريطاني بمصر. في مصر كان يصنع الحلويات ويبيعها ليعيل نفسه. كان صديقه عز الدين التنوخي يستحي ويختبىء ، فكان يقول له أنَّ المفروض أن يتباهى ، وعندما جاء والد عز الدين التنوخي ليسأل عن ابنه وعرف خبره قال له أن عز الدين القسام علّمك الحياة عاد مرة في شبابه من السفر إلى جبلة ، فطلب منه والده أن يصطحبه ليسلّم على الآغا فرفض بشدة ، وقال أن المقيم هو الذي يأتي ليسلّم على القادم.
[عدل] العودة إلى سورية
لما عاد إلى بلاده سوريا عام 1903، عمل مدرسا في جامع السلطان إبراهيم وأقام مدرسة لتعليم القرآن واللغة العربية في مدينة جبلة .وفي سنة 1920 عندما اشتعلت الثورة ضد الفرنسيين شارك القسام في الثورة، فحاولت السلطة العسكرية الفرنسية شراءه وإكرامه بتوليته القضاء، فرفض ذلك وكان جزاؤه أن حكم عليه الديوان السوري العرفي بالإعدام
قاد أول مظاهرة تأييداً لليبيين في مقاومتهم للاحتلال الإيطالي، وكون سرية من 250 متطوعاً، وقام بحملة لجمع التبرعات، ولكن السلطات العثمانية لم تسمح له ولرفاقه بالسفر لنقل التبرعات
[عدل] ثورة جبل صهيون
باع القسام بيته وترك قريته الساحلية وانتقل إلى قرية الحفة الجبلية ذات الموقع الحصين ليساعد عمر البيطار في ثورة جبل صهيون (1919 - 1920). وقد حكم عليه الاحتلال الفرنسي بالإعدام غيابياً. بعد إخفاق الثورة فرَّ الشيخ القسام عام 1921 إلى فلسطين مع بعض رفاقه، واتخذ مسجد الاستقلال في الحي القديم بحيفا مقراً له حيث استوطن فقراء الفلاحين الحي بعد أن نزحوا من قراهم، ونشط القسام بينهم يحاول تعليمهم ويحارب الأمية المنتشرة بينهم، فكان يعطي دروساً ليلية لهم، ويكثر من زيارتهم، وقد كان ذلك موضع تقدير الناس وتأييدهم.
[عدل] رئيس جمعية الشبان المسلمين
والتحق بالمدرسة الإسلامية في حيفا، ثم بجمعية الشبان المسلمين هناك، وأصبح رئيساً لها عام 1926. كان القسام في تلك الفترة يدعو إلى التحضير والاستعداد للقيام بالجهاد ضد الاستعمار البريطاني، ونشط في الدعوة العامة وسط جموع الفلاحين في المساجد الواقعة شمالي فلسطين.
[عدل] في فلسطين
لجأ القسام إلى فلسطين في 5 شباط 1922 واستقر في قرية الياجور قرب حيفا. ولجأ معه من رفاق الجهاد الشيخ محمد الحنفي والشيخ علي الحاج عبيد وحتى سنة 1935 لم يكن سكان حيفا يعرفون عن عز الدين القسام سوى أنه واعظ ديني ومرشد سورى ورئيس جمعية الشبان المسلمين في مدينة حيفا وكان بنظرهم شيخا محمود السيرة في تقواه وصدقه ووطنيته كما كانت منطقة الشمال تعرفه إماما وخطيبا بارعا ومأذونا شرعيا في جامع الاستقلال، وهو الذي سعى في تشييده، وقد جمع المال والسلاح لنجدة المجاهدين في طرابلس الغرب أثناء حملة الإيطاليين عليها.في عام 1929 أشيع أن اليهود يريدون أن يحرقوا مسجد الاستقلال بحيفا ، فاقترح بعض الوجهاء أن يطلبوا المساعدة من الإنكليز ، لكن الشيخ القسام رفض رفضا قاطعا وقال أن دمنا هو الذي يحمي المسلمين ويحمي مساجد المسلمين وليست دماء المحتلين .وكان يرفض أي حوار أو معاهدة مع الإنكليز ويقول (من جرّب المجرّب فهو خائن) فقد جرّب بعض العرب الإنكليز ضد العثمانين وكانت كل وعودهم كذبا .
و في إحدى خطبه ، كان يخبىء سلاحا تحت ثيابه فرفعه و قال : (من كان منكم يؤمن بالله واليوم الآخر فليقتن مثل هذا)، فأُخذ مباشرة إلى السجن وتظاهر الناس لإخراجه وأضربوا إضرابا عاما . وكان يقول للناس في خطبه : (هل أنتم مؤمنون؟ ) ويجيب نفسه (لا) ، ثم يقول للناس (إن كنتم مؤمنين فلا يقعدنّ أحد منكم بلا سلاح وجهاد ).و كان يركّز على أن الإسراف في زخرفة المساجد حرام ، و أن علينا أن نشتري سلاحا بدل أن نشتري الثريات الفاخرة . و كان يصل إلى جميع الناس من خلال عمله كمأذون شرعي وكخطيب. وكان يختلف كثيرا مع الشيوخ لأنهم كانوا لا يهتمون سوى بأمور العبادة من صلاة وصوم بينما كان اليهود يخططون ويشترون الأراضي. فكان يرى أن لا فصل بين الدين والسياسة، وأمور السياسة كانت واضحة بعد أن نال اليهود وعد بلفور . كما كان في شجار مع المستعجلين من أبناء تنظيمه الذين يريدون الثورة في حين كان القسام يعدّ ويتريّث ليضرب في الوقت المناسب فلبث سنين وهو يعدّ للثورة.
[عدل] ثورة القسام
كشفت القوات البريطانية أمر القسام في 15/11/1935، فتحصن الشيخ عز الدين هو و15 فرداً من أتباعه بقرية الشيخ زايد، فلحقت به القوات البريطانية في 19/11/1935 فطوقتهم وقطعت الاتصال بينهم وبين القرى المجاورة، وطالبتهم بالاستسلام، لكنه رفض واشتبك مع تلك القوات، وأوقع فيها أكثر من 15 قتيلاً، ودارت معركة غير متكافئة بين الطرفين، وما جاء يوم العشرين من تشرين الثاني "نوفمبر" سنة 1935 حتى أضحى القسام علما من أعلام الجهاد يتردد اسمه في بلاد فلسطين كلها. اتصل بالملك فيصل في سورية طلباً لمؤازرته في ثورته فوعده ولم يثمر وعده عن شيء، واتصل بالحاج أمين الحسيني مفتي فلسطين الأكبر وطلب منه أن يهيء الثورة في منطقته، فأجابه بأنه يرى أن تحل قضية فلسطين بالطرق السلمية عن طريق المفاوضات، واتصل مع الأمير راشد بن خزاعي الفريحات من شرق الأردن للمؤازرة وليهيء الثورة ضد الإنتداب البريطاني وأعوانه في شرق الأردن وقد قدم الأمير الخزاعي إمدادا مباشرا وقويا للشيخ القسام بالمال والسلاح فضلا عن توفير الحماية للثوار الفلسطينيين في جبال عجلون الحصينة من فترة لأخرى الأمر الذي استدعى من الأمير راشد بن خزاعي الفريحات وقبيلته ومعظم عشائر الشمال الأردني للمواجهة مباشرة مع النظام الأردني وخاصة مع الملك عبد الله الأول والإنتداب البريطاني والذي حاول تصفية الأمير الخزاعي بقصف مواقعه وقتل كثير من الثوار الأردنيين الموالين للخزاعي في ذلك الوقت مما إضطره بعدها إلى مغادرة الأراضي الأردنية إلى السعودية عام 1937م وإندلعت على إثر لجوئه ثورة في جبال عجلون إمتدت بعدها لنطاق واسع في إمارة شرق الأردن .
علم الشعب لأول مرة أن الشيخ القسام كان قد اعتصم مع إخوانه في أحراش قرية يعبد وكانوا مسلحين ولايهابون خطر المجابهة مع قوات الانتداب البريطاني ولا عواقبها، إلا أن قوات الأمن كانت قد أعد قوة هائلة تفوق عدد الثوار بمئات المرات وكانت كقطيع كبير من الجيش مصممة على القضاء على الشيخ عز الدين و أتباعه فلذلك أحاطت القوات بالمنطقة منذ الفجر ووضعت الشرطة العربية في الخطوط الهجومية الثلاث الأولى من ثم القوات البريطانية، وقبل بدء المعركة نادى أحد أفراد الشرطة العربية الثائرين طالبا منهم الاستسلام فرد عليه القسام صائحا "إننا لن نستسلم، إننا في موقف الجهاد في سبيل الله ثم التفت إلى رفاقه وقال موتوا شهداء في سبيل الله خير لنا من الاستسلام للكفرة الفجرة" دامت المعركة القصيرة ساعتين كان خلالها الرصاص يصم الآذان والطائرات المحلقة على ارتفاع قليل تكشف للمهاجمين موقع الثوار وقوتهم وفي نهاية الساعتين أسفرت المجابهة عن استشهاد القسام ورفاقه يوسف عبد الله الزيباري وسعيد عطيه المصري ومحمد أبو قاسم خلف وألقى الأمن القبض على الباقين من الجرحى والمصابين. وقد اكشفت قوات الامن عند نهاية المعركة مع الشيخ ذي اللحية البيضاء والمجندل على التراب بملابسه الدينية مصحفا وأربعة عشر جنيها ومسدسا كبيرا وكان الشيخ نمر السعدي مازال حيا جريحا حيث استطاع صحفي عربي أن ينقل عن لسانه أول الحقائق الخفية عن عصبة القسام وكانت هذه الحقيقة دليلا على أن المجابهة المسلحة هذه كانت بقرار بدء الثورة منهم جميعا. كانت العناوين البارزة في الصحف (معركة هائلة بين عصبة الثائرين والبوليس) و (حادث مريع هز فلسطين من أقصاها إلى أقصاها) وانطلقت بعدها العديد من الثورات المؤازرة لها في العالم العربي وكان منها ثورة عجلون في الأردن في عام 1937م.