الخليل- خاص معا- في مشهد امتزجت فيه ألوان التراث والتكنولوجيا افترشت شارع عين سارة ومبنى بلدية الخليل لوحات الكترونية ضخمة التي تبث 24 ساعة لشعارات ومقتطفات تلفزيونية و اغاني وطنية تواكب جهود القيادة الفلسطينية في الحصول على عضوية كاملة في الامم المتحدة.
تحت ظلال الاعلام الفلسطينية التي ازدانت بها مدينة الخليل، وسياراتها وامتدت لتعلو أسطحة منازلها في مشهد أقرب ما يكون الى صورة شعب تحرر من نير الاحتلال، أو انها تحاكي أمنية في نفوس ابناء هذا البلد بالرغبة بالتخلص من آخر احتلال عرفته البشرية.
فمدينة الخليل تعيش حالة خاصة، بؤر استيطانية اسرائيلية تعيش في قلبها، وما عاشته من آثار مجرزة عام 1994 والتي راح ضحيتها 29 مصليا ساجداً بين يدي الله في المسجد الابراهيمي الشريف، وما تبعها من اجراءات شملت تقسيم المدينة واغلاق شوارعها الحيوية ووضع الحواجز الامنية الاسرائيلية التي تجاوزت الـ100 حاجز حسب احصائية منظمة الاوتشا العالمية، وما عمدت اليه سلطات الاحتلال من اساليب تهجيريه وهجمات منظمة للمستوطنين على سكان البلدة القديمة لاجبار المدنين الفلسطينين على هجر منازلهم ومحالهم التجارية اضافة الى القرارات العسكرية التي قضت باغلاق اكثر من 500 محل تجاري في البلدة القديمة حسب تقرير مؤسسة بيتسليم الاسرائيلية.
في ظل هذا الواقع ترى أهالي مدينة الخليل أكثر من غيرهم يتطلعون الى الحلم الفلسطيني باقامة الدولة الفلسطينية كاملة السيادة على كامل الارض دون تقسيم او اجتزاء، أو تقطيع لاواصل المدن والقرى، في نظرة كأنها تقول: آن الأوان ليتحمل العالم مسؤوليته اتجاه الشعب الفلسطيني، وليصدق العالم الداعي للديمقراطية والسلام وتحرر الشعوب في رسالته الاخلاقية التي ما فتئت الدول العظمى تتغنى بها وتأخذها على محافل العالم في كل حدث وتعتبرها جسر العبور الى تحقيق بعض أهدافها.
ويرى أهالي مدينة الخليل، أن الطلب الفلسطيني بالحصول على اعتراف دولي وعضوية كاملة في الأمم المتحدة وتصويت مجلس الامن على قبول الدولة، نقطة فارقة في نظرتها الى أخلاقيات العالم وسياستها اتجاه الشرق الأوسط ومفهوم توازن القوى، معتبرين ان يوم الثالث والعشرين سيكو بمثابة التغير الحقيقي في التوجه الفلسطيني نحو التعامل مع الآخرين وكأنها ستحدد أجندة فلسطينيين في حبهم وبغضهم بناء على موقف كل منهم اتجاه ملف دولة فلسطين.
أذا هي التحضيرات النفسية قبل اللوجستية التي عملت على توفيرها ليل نهار بلدية الخليل ورئيسها خالد العسيلي، تعيشها في اللحظات التي تعبر في شوارعها او تتوقف للحديث مع سكانها، فالكل يجمع في تناقضاته الداخلية بين الفرحة والحزن والتي تتمثل في رؤية القيادة الفلسطينية تخرج من مأزق التفاوض التي يعتبرها البعض تنازل عن حقوق مشروعة كانت قد اصابت الفلسطينيين بالصدمة حين نشرت وثائق ويكليكس، لتنقل الصورة الآن الى الاستراتيجية الجديدة للقيادة الفلسطينية والتي يعتبرونها وان لم يحصلوا على العضوية في الأمم المتحدة الى أنها صورة مشرفة عبرت ولأول مرة منذ سنين بدأ التفاوض عن نظرة فلسطينية قادرة على خطاب العالم بلغته ووضع اسرائيل وحلفائها في ميزان الرأي العام الدولي.
وتبقى آمال أهالي الخليل على لسان ابنائها في تحركات الشعوب العربية يوم الجمعة القادم لتقول كلمتها: نعم لدولة فلسطين عضواً كاملاً في الأمم المتحدة وتدفع الحكومات العربية نحو مواقف أكثر جدية اتجاه التعامل مع القضايا العربية والقضية الفلسطينية على حد الخصوص والذي ظهر جلياً في قرار المملكة العربية السعودية، بدعم القضيةالفلسطينية وتحذير الولايات المتحدة الامريكية على مصالحها في الدول العربية وتقديم الدعم لموازنة السلطة الفلسطينية في رسالة للشعب الفلسطيني، أنكم لستم وحدكم في ساحة الميدان، لكن عمقكم العربي عمق استراتيجي وإن ترنح في لحظات الا أنه يعود ليقول كلمة الفصل. والرغبة في عيون أطفال مدينة الخليل تقرؤها دون الحديث فهم يدعون كل الدول العربية وقادتها ليحذوا حذو خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، وليعودوا ويكونوا في الصفوف الأولى في الدفاع عن قضية الأمتين العربية والاسلامية، القضية الفلسطينية.
ورغم الخلافات الاجرائية وليس المضمونية بين القيادة الفلسطينية وحركة حماس، في موضوع التوجه الى الأمم المتحدة الى ان الخليل توحدت جميعها تحت العلم الفلسطيني وراية استحقاق الدولة وذابت كل الألوان الأخرى بألوان العلم الفلسطيني مشهد يجسد من جديد ذكرى انتفاضة عام 1987، التي تجسدت فيه روح التوافق على الهدف واختلفت طرق الوصول اليه، إذا الدولة بوحدة أبنائها ووحدة الشعب بوحدة ألوان العلم الفلسطيني، هذا شعار نادت به مدينة الخليل وأهلها في يوم أقل ما يوصف، بيوم الكرامة والدولة.