الواقع الفلسطيني في لبنان... واقعٌ يتحدّد وأملٌ يتجدّد

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ربّما سيتساءل البعض من حضراتكم لما أدرجت موضوعي هذا في قسم الخواطر
لكلّ السبب الأول هو انتمائي لهذا القسم..
ولكلّ السبب الأهم هو تدفق افكاري وخواطري من صميم القلب والعقل
كوني فلسطينية زائرة في بلد آخر


الواقع الفلسطيني في لبنان... واقع يتحدد وأمل يتجدد

ليس سهلا ً أن نخوضَ غمارَ البحثِ والتّحليلِ في مجرى الأحداثِ التي جرت على أرضِ فلسطين، بكلِّ ما فيه من مواجهاتٍ وآلام ٍوتضحيات. ونحنُ نتناولُ هذه الأحداث، نشعرُ بالرّهبةِ بقدرِ ما نشعرُ بالإعتزاز، لأنّنا نقفُ أمامَ تضحياتِ شعبٍ، بدأت مع جريمةِ وعدِ بلفور ولم تتوقف. هذا المخزون ِالهائل ِ من العطاء ِالثّوريِّ يكبّلُ الكلمات، ويجعلنا حائرين في اختيارِ ما هو أفنى وادقّ، وأكثرَ التصاقاً بالواقع.

فقضيةِ فلسطينَ ليست قضيةً عربيّةً وحسب، إنّما هي قضيةٌٌ إسلاميةٌ تهمُّ كلَّ مسلم ٍعلى وجهِ الأرض، حيثُ أنّها وقفٌ إسلاميٌّ تضمُّ في ربوعِِها أولى القبلتين وثالثِ الحرمين الشّريفين ومسرى النبيِّ المصطفى صلى الله عليه وسلم. فعلى كلِّ المسلمين افرادا ً وجماعاتٍ واجبُ المساهمةِ بكلِّ ما يستطيعون لتحرير ِ فلسطين. ونحنُ الطلبةِ يجبُ ان يكونَ يراعُنا سهما ً في وجهِ الغاصبِ المحتل، وفي ادانةِ وفضح ِ الممارساتِ القمعيةِ لسلطاتِ الاحتلال ِ ضدَّ شعبنا، المخالِفةِ لقواعدِ القانون ِالدّوليِّ وحقوق ِ الإنسان، وفي وتكوين ِرأي ٍعام ٍمن أجل ِ التمسّكِ بحقوقِنا ومتابعةِ المسيرةِ لإنهاءِ ِالإحتلال ِالغاشم ِلأرضِنا ومقدِساتِنا.

هنا في لبنان، ولدنا وترعرعنا على أرض ليست أرضنا، ووطن غير وطننا، في بلد غريب نحن ضيوفا ً فيه، نخضع لقوانينه كوننا "لاجئين" لا يحق لنا فيه أن نمارس أي حق من حقوق المواطن الأصلي من إنتخاب أو شراء وامتلاك أي عقار أو أرض أو افتتاح عيادة أو أي مكتب محاماه أو هندسة خاص بأي طبيب أو مهندس. فكم من خرّيج من الجامعة تجده عاطلا ً عن العمل أو في محل للسمانة أو بائع خضار أو عامل... ولا شيء أمامه سوى الأبواب الموصدة، ممّا يدفع الكثير من الشّبان إلى الهجرة والإبتعاد عن الأهل بهدف تأمين مستقبلهم وتحسين الوضع الإقتصادي.

هذا بالنّسبة للوضع المعيشي، أمّا على نطاق المخيّمات، فالأغلبيّة تعيش في حالة بؤس. فمؤسّسة الأونروا التي هي مسؤولة عن اللاجئين الفلسطينيّين، قد تقلّصت خدماتها وأصبحت لا تتعدّى مجال التّعليم وبعض حالات الطّبابة، ولا تتجاوز سوى الحالات المستعصية وحالات الشّؤون الإجتماعية، وضمن مساعدات بسيطة. فليس المهم السّكن كإقامة، إنّما ما يترتّب عليه من حقوق إقتصاديّة وإجتماعيّة وثقافيّة وغيرها.
هذا الواقع المرير الذي نعيشه، يزيدنا إصرارا ً على العودة إلى وطننا الأصلي "فلسطين"، ورفض كل أشكال التّوطين والتّذويب، لأنّه لا يعرف معنى الوطن إلا من تلظّى بحرارة البعد, واحترق بنار الهجرة والمنفى، فمن الصّعب أن تٌحشر في وطن ليس وطنك وتُحكم بقوانين قاسية. فكيف نستطيع المقارنة بين مكان إقامتنا الحالي ووطننا بعد أن كنّا أصحاب سيادة على أرضنا والآن أصبحنا في الشّتات "وشتّان بين الثّرى والثّريا".

لذلك سوف يكون صراعا ً طويلا ً من أجل استرداد هذا الحق، وهذا الحقّ سوف يعود- إن شاء الله- بالجهد والدّم الفلسطيني. وعلى أمل العودة أتمنّى أن أقبّل ثرى الأرض الطّاهر وأن أصلّي في المسجد الأقصى وأن أرى علم بلادي يرفرف عاليا ً في سمائه المقدّسة- بإذن ربّ العالمين.