كان عدد اليهود في فلسطين في بداية القرن العشرين قليل جدا، و من ثم أزداد من 12000 في العام 1845 إلى 85000 في العام 1914.
الغالبية في فلسطين هم العرب المسلمين و المسيحيين، و بدعم من الحركة الصهيونية العالمية تم تهجير أعداد كبيرة من يهود أوروبا و العالم إلى فلسطين.
في العام 1896 و بعد ظهور أفكار معاداة السامية في أوروبا ، قام تيودور هرتزل باقتراح حل للمشكلة في كتابه «دولة اليهود» اذ أقترح تأسيس وطن قومي لليهود في الأرجنتين أو فلسطين.
و في العام 1897 عقد أول مؤتمر للحركة الصهيونية في سويسرا حين أوصى «برنامج بازل» استعمار فلسطين و تأسيس الحركة الصهيونية العالمية.
وفي العام 1904 عقد المؤتمر الرابع للحركة الصهيونية و قرر تأسيس وطن قومي لليهود في الأرجنتين.
في العام 1906 قرر برلمان الحركة الصهيونية أن يكون الوطن القومي لليهود في فلسطين.
ومع بداية الحرب العالمية الأولى العام 1914 وعدت بريطانيا العرب بمساعدتهم على الاستقلال عن السلطنة العثمانية بشرط دخولهم الحرب إلى جانبها ضد السلطنة العثمانية التي دخلت الحرب إلى جانب ألمانيا.
وفي 2 نوفمبر/ تشرين الثاني 1917 قامت الحكومة البريطانية بإصدار «وعد بلفور» في هيئة رسالة من وزير خارجيتها جيمس آرثر بلفور إلى زعيم الحركة الصهيونية، وتعهد فيها وزير الخارجية بأن تقوم حكومة ملكة بريطانيا بالعمل بأفضل ما يمكنها من أجل تحقيق هدف تأسيس وطن قومي لليهود في فلسطين. كما تعهد بألا تقوم بريطانيا بعمل أي شيء من شأنه أن يضر بمصالح و حقوق المجتمعات غير اليهودية الموجودة في فلسطين.
بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى في 1918 بدأ اليهود بالهجرة إلى فلسطين التي كانت تحت الانتداب البريطاني وفق قرارات عصبة الأمم . ووفق وعد بلفور وشروط الانتداب قامت سلطة الانتداب بتيسير هجرة اليهود بهدف تأسيس وطن قومي في فلسطين.
بدأ معها بشكل واسع و ضخم على أنشاء مشروعات زراعية و اقتصادية تقوم بها الحركة الصهيونية خلال فترة الانتداب في فلسطين لحساب المستوطنين الجدد. كما ازدادت الهجرة اليهودية إلى فلسطين في الثلاثينات والأربعينات من القرن العشرين بسبب الحملة النازية على اليهود في أوروبا. وأصبحت تل أبيب أكبر المدن التي يسكنها اليهود. كما وجد عدد كبير من القرى و المدن الصغيرة التي أسسها اليهود. و في الوقت نفسه شهد العالم تأسيس عدد كبير من الأحزاب و الجمعيات اليهودية في أوروبا و العالم و جميعها تنضم تحت أفكار «تنظيم الحركة الصهيونية» و قد هاجر بعض زعماء تلك الأحزاب إلى فلسطين حيث قاموا بتأسيس الأحزاب المختلفة.
في العام 1919تم عقد أول مؤتمر وطني فلسطيني تم فيه إدانة و رفض كامل لوعد بلفور. وفي العام 1920 عقد مؤتمر «سان ريمو» إذ قرر وضع فلسطين تحت الانتداب البريطاني. و خلال عامين كانت فلسطين فعليا تحت الإدارة البريطانية حيث أرسل هربرت صموئيل «وهو زعيم صهيوني» كأول مندوب سام في فلسطين.
وقامت عصبة الأمم بإصدار قرار الانتداب البريطاني على فلسطين في العام 1922، وكان القرار يعمل لصالح تأسيس وطن قومي في فلسطين.
وفي أغسطس / آب 1929 هز القدس أول هجوم واسع النطاق يشنه العرب على اليهود. ففي أعمال الشغب قتل العرب 133 يهوديا و قتل منهم 116. و تعود جذور العنف إلى مخاوف العرب من أهداف الحركة الصهيونية التي تخطط لإقامة وطن قومي.
منذ وعد بلفور كانت بريطانيا تحاول تسوية الخلاف بين اليهود و العرب من دون نجاح. ففي العام 1937 قدم اللورد روبرت بيل التقرير الذي خلصت له اللجنة «التي كان يرأسها»، إن استمرار العمل بنظام الانتداب على فلسطين غير ممكن عمليا و أنة ليس هناك أمل في قيام كيان مشترك بين العرب و اليهود. كان من دواعي تكوين هذه اللجنة تزايد أعمال الاحتجاج من قبل العرب في فترة العشرينات و الثلاثينات بسبب الهجرة اليهودية و مصادرة الأراضي ، فما كان من العرب إلا تشكيل اللجنة العربية العليا للدفاع عن أنفسهم و قاموا بتنظيم إضراب لمدة ستة أشهر في 1936. وفي محاولة للخروج من تلك الأزمة قامت بريطانيا بتكليف اللورد روبرت بيل بدراسة الوضع و تقديم الحلول، ولكن العرب قاطعوا اللجنة و رفضوا التقرير .
بعد تأكيد التقرير على استحالة قيام كيان مشترك لليهود و العرب، تم اقتراح تقسيم فلسطين إلى دولتين أحدهما عربية و الأخرى يهودية على أن توضع الأماكن المقدسة تحت الإدارة الدولية. و بعد سنتين من التقرير وجدت بريطانيا في حالة لا فوز ولا خسارة قررت وضع قيود على هجرة اليهود لفلسطين لحين إيجاد حل المعضلة.
وقامت بريطانيا بإصدار قرار يحظر استمرار الهجرة اليهودية إلى فلسطين في العام 1939 و عرضت الاستقلال للفلسطينيين خلال عشر سنوات. ورفضت الحركة الصهيونية تلك المقترحات و قامت بتأسيس عصابات مسلحة للقيام بعمليات دموية ومذابح للبريطانيين و الفلسطينيين من أجل أجبار بريطانيا على الانسحاب من فلسطين لتأسيس الدولة اليهودية.
بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية عاد زعماء الحركة الصهيونية للمطالبة بفتح باب الهجرة لليهود إلى فلسطين. فقامت الحركات الصهيونية المسلحة مثل الهاجاناه و الأرغون والشتيرن بشن هجمات مسلحة على جنود الانتداب للضغط على بريطانيا لفتح باب الهجرة.
من جانب آخر عارض العرب الضغوط اليهودية، و لكن لم تكن هناك قيادة موحدة للعرب. ففي العام 1945 قامت السعودية وسورية ولبنان والعراق والأردن واليمن ومصر بتأسيس جامعة الدول العربية للضغط على بريطانيا من الجانب الأخر من أجل حقوق الفلسطينيين. لكن الحكومة العمالية الجديدة في بريطانيا كانت تدعم بشدة مشروعات الحركة الصهيونية، مع رغبتها بالإبقاء على صداقتها للعرب. وبالضغط من الرئيس الأميركي هاري ترومان ذو الميول الصهيونية الواضحة أرسلت بريطانيا لجنة جديدة لدراسة الوضع. اللجنة الإنجليزية الأميركية أوصت بالتهجير الفوري لـ 100000 يهودي أوروبي لفلسطين، كما أوصت برفع القيود على بيع الأراضي الفلسطينية لليهود مع إقامة الكيان المشترك تحت رعاية الأمم المتحدة.
وتحت ضغط الكلف العالية للجيش البريطاني في فلسطين، قررت بريطانيا إحالة قضية فلسطين إلى الأمم المتحدة. فتم إرسال لجنة من الأمم المتحدة لتقييم الوضع وتقديم الاقتراحات، و بناء على تقريرها تم اتخاذ قرار تقسيم فلسطين رقم (181). وفي العام 1947 قررت بريطانيا ترك فلسطين و طلبت من الأمم المتحدة تقديم توصياتها. فتم عقد أول جلسة طارئة للأمم المتحدة في 1947 و تم اقتراح مشروع تقسيم فلسطين إلى دولتين فلسطينية و يهودية على أن تبقى القدس دولية. وتمت الموافقة على الاقتراح من 33 عضوا مقابل رفض 13 عضوا و بدعم من الاتحاد السوفياتي و الولايات المتحدة وبامتناع بريطانيا عن التصويت.
رفض الدول العربية لمشروع التقسيم أدى إلى اندلاع العنف بين العرب و اليهود. ورفضت بريطانيا التدخل و تركت الأمور كما هي حتى موعد الانسحاب في 1 أغسطس / آب 1948 وفق مشروع التقسيم .
عندما تأكد زعماء اليهود من النية البريطانية في الانسحاب في يوم 15 مايو، قرروا في تل أبيب في يوم 14 مايو أن يطبقوا الجزء الخاص بإنشاء دولة يهودية كما ورد في قرار التقسيم. وتم تشكيل برلمان وطني كممثل للشعب اليهودي و الحركة الصهيونية العالمية الذي أعلن قيام دولة يهودية في فلسطين تسمى «إسرائيل» وتقرر فتح باب الهجرة لكل يهود العالم للكيان الجديد.
وفي 15 مايو قامت جيوش من مصر و الأردن و سورية و لبنان و العراق مع متطوعين عرب والمقاتلين الفلسطينيين ببدء حرب شاملة ضد الكيان الصهيوني. وفشل العرب في منع قيام الكيان الصهيوني، اذ انتهت الحرب بأربع قرارات وقف إطلاق النار من الأمم المتحدة بين «إسرائيل» و مصر ولبنان والأردن وسورية. والحدود التي تم تحديدها في الاتفاقية بقيت على ما هي علية حتى العام 1967.
غيرت حرب العام 1948 التركيبة السكانية داخل «إسرائيل» حين قام عدد كبير من الفلسطينيين بالهجرة من الأراضي التي تم احتلالها، وأصبح قطاع غزة تحت الإدارة المصرية و الضفة الغربية تحت الإدارة الأردنية. وبلغ عدد المهجرين الفلسطينيين 680 ألف شخص غادروا إلى الدول العربية المجاورة وبذلك أصبح اليهود غالبية في الكيان الجديد.
وفي العام 1949 تم انتخاب أول كنيست إسرائيلي و اختير حاييم وايزمن الزعيم الصهيوني كأول رئيس للدولة.
صحيفة الوسط البحرينية - العدد 2074 - الأحد 11 مايو 2008م الموافق 05 جمادى الأولى 1429هـ