الجمعيات الأهلية المرخصة في سورية تتجاوز 1240 جمعية
(دمشق - دي برس - سانا )
الدور الجديد الذي بدأ يتبلور للجمعيات الاهلية في سورية لم يعد يقتصر على العمل الخيري فقط بل توسعت عناوينه في السنوات الاخيرة لتشمل مجالات جديدة تسعى إلى محاربة الفقر وتحسين المستوى المعيشي ورفع قدرات الشباب وتوسيع خياراتهم وإدماج المرأة وتمكينها من المساهمة في عملية التنمية وحماية البيئة ودعم الأبحاث الطبية والعلمية ومساعدة المصابين بالأمراض المستعصية كالسرطان والسكري وهشاشة العظام والمساهمة في التوعية.
وكان لافتاً في السنوات الاخيرة ظهور أجيال جديدة من الجمعيات الأهلية ركزت جهودها الرئيسية على الإسهام في الجوانب التنموية ومكافحة البطالة والفقر في المجتمع من خلال تبنى تنفيذ مشاريع تنموية صغيرة ومتوسطة مدرة للدخل في المجتمعات المحلية الأكثر احتياجا وخاصة في الريف.
فيما عملت بعض الجمعيات التقليدية على تعديل طريقة عملها من خيري يقوم على تقديم البر والاحسان إلى تنموي تمثل بإنشاء مراكز للتدريب والتأهيل المهني وخاصة لأبناء وبنات الأسر الفقيرة ومكافحة الأمية وتعليم الأطفال والفتيات وتقديم الخدمات الصحية الأساسية للفقراء و للنساء المعيلات وأفراد أسرهن وذوي الاحتياجات الخاصة وتوعية المرأة والشباب بقضايا السكان والتنمية والصحة الإنجابية.
وقالت وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل الدكتورة ديالا الحج عارف في المؤتمر الدولي الاول للتنمية الذي عقد بداية العام الجاري بمشاركة كبيرة من الخبراء العرب والاجانب وممثلي الجمعيات: "إنه على الرغم من إننا بحاجة إلى أعمال البر والإحسان لكن يجب ألا يفوق ذلك العمل التنموي بمعنى أن تعليم طالب أو تطوير أو تحسين بعض المناطق الريفية أهم بكثير من إعطاء سلة غذائية يكون مفعولها مؤقت ولأيام محددة".
هذا التحول في النظرة لعمل الجمعيات جاء نتيجة جهود جدية من الحكومة التي ترى أن التنمية بمفهومها الحديث لم تعد تعني النماء الاقتصادي المحدد بالأرقام وموارد الدولة ومصروفاتها ومتوسط دخل الفرد والناتج المحلي الإجمالي بل يعني قيام نظام متكامل متعدد الأوجه محوره الإنسان الذي يجمع بين المشاركة في عملية التنمية والاستفادة منها أي أن الإنسان هو الوسيلة والغاية من عملية التنمية لذلك يتم التركيز حاليا على تحويل الجمعيات التقليدية الخيرية إلى طوعية تنموية.
والخطوة القادمة التي سيتم العمل عليها كما تشير مصادر الوزارة هي مساعدة الجمعيات التقليدية الخيرية على التحول إلى طوعية تنموية حيث لا شيء يمنع أن يكون للجمعيات استثماراتها الخاصة لتكون لديها عوائد وموارد دائمة تحافظ على استمراريتها وتنفيذ برامجها الطموحة مع عدم الخلط بين الاستثمارات الخاصة لهذه الغاية وفكرة المشاريع التجارية البحتة.
وكشف المؤتمر ان عدد المؤسسات والجمعيات الاهلية ازداد خلال السنوات الخمس الاخيرة بنحو 300 % وبين أن الجمعيات تطرقت إلى مجالات لم تكن مطروقة سابقاً كالتعليم والتأهيل المهني والصحة والبيئة.
ويستند هذا التحول في عمل الجمعيات إلى برنامج عمل تقوم به الحكومة يرتكز على جملة معطيات تشير إلى أن كل الجمعيات الاهلية بلا استثناء على اختلاف مهامها وأنماط عملها مدعوة للمشاركة في بناء التجربة في إطار من التكامل والتعامل والتأكيد على دور القطاع الأهلي كشريك ثالث ورئيس في عملية التنمية في البلاد للقيام بأدوار قد لايستطيع القطاع الحكومي والخاص القيام بها وفي مناطق يصعب الوصول إليها مع إعادة النظر بالعمل الخيري من حيث كونه قطاعا تنمويا يجب توجيه مهمته لتقوم على مبدأ علمه الصيد بدلا من اطعامه سمكة .
ويوجد في سورية حاليا وفقا لاخر احصائية في العام الماضي نحو 1240 جمعية نحو نصفها جمعيات خيرية بينما اصبحت توجد 96 جمعية فنية وادبية و 65 علمية و 46 بيئية و 23 تعاونية و 1 تعنى برعاية المسنين والعجزة و 5 جمعيات تعنى بالشباب و 10 تعنى بالمرأة ونحو 86 جمعية تعنى بالإعاقات المختلفة.
إضافة لجمعيات العلوم الاقتصادية وحماية المستهلك والأمانة السورية للتنمية وهي الأهم بالنسبة للمبادرات الإبداعية والتنمية والشباب والقروض وتركز على قطاعات التعليم والتنمية الريفية والثقافية والتراث.
وتستحوذ دمشق على أكبر عدد من الجمعيات بنحو 443 جمعية تليها محافظة ريف دمشق بنحو 157 جمعية ثم حلب 150 وحمص 101 واللاذقية 94 وحماة 78 وطرطوس 51 والسويداء 34 وإلب 28 ودير الزور 25 والقنيطرة 23 ودرعا 21 الحسكة 19 والرقة 16 جمعية.
وفي ظل تنامي الدور الذي تقوم به الجمعيات الأهلية كمساهم أساسي وشريك للدولة في عملية التنمية التي تشهدها سورية حالياً في مسيرتها التحديثية لكل القطاعات يجري التحضير حاليا لاقرار قانون متطور وعصري للجمعيات الأهلية يلبي متطلبات هذه المرحلة بعد أن مضى على سن القانون الحالي ما يقارب نصف قرن شهد العديد من التغييرات في البنية السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
ويؤسس القانون الجديد ولأول مرة لبناء قاعدة بيانات لهذه المنظمات غير الحكومية عبر مشروع أتمتة شامل يربط الجهات المعنية ضمن شبكة قوية تزيد من فاعليتها وتختصر الزمن والمسافات.
ويتوقع ان يبلور القانون الجديد رؤية ناضجة بعيدة المدى لعمل الجمعيات الأهلية حاضرا ومستقبلا وصولا إلى اتحادات نوعية فاعلة ومؤثرة تحاكي نظيراتها في الدول العربية والدول المتقدمة وتتيح أطراً مؤسساتية تعكس طاقات المجتمع الكامنة وغير المستغلة لتكون إحدى البوابات المعاصرة في الخارطة الوطنية حيث يتوقع ان تظهر النوادي والمؤسسات غير الربحية الخدمية والابداعية والتنموية إلى الوجود وبصيغ عمل تشاركية غير مألوفة من قبل وتبيع خدماتها لأصحابها من مؤسسات الدولة والخاصة وتقيم مشاريع استثمارية تؤمن لها موارد دائمة لا تنضب.
وأشارت الحج عارف إلى إن وجهة النظر المبدئية حول مشروع قانون الجمعيات هو تحويل الكتلة المالية التي يعتد بها والتي ينفقها المجتمع الأهلي على أعمال البر والإحسان التي تنتهي فعالياتها بانتهاء مدة الإنفاق إلى كتلة تدخل في الدورة الاقتصادية الكلية وتستمر إلى مابعد انتهاء عملية الانفاق. وأضافت.. إن منهجية مشروع القانون هي أن تسهم الجمعيات الأهلية في الاقتصاد الوطني وفي عمل تنموي وفي خلق فرص عمل وفي الاستفادة من هذه الكتلة لخلق آثار اقتصادية طويلة المدى إذ يسعى القانون الجديد إلى العمل على إزالة الذهنية القديمة للعيش على التبرعات وزرع أفكار إبداعية لتكون للمجتمع الأهلي موارده الخاصة حيث تؤكد التجربة ان بعض الجمعيات التي عاشت على التبرعات استطاعت الاستمرار لفترات قصيرة فقط نتيجة توقف التبرعات لذلك يتم التوجه حاليا إلى التشجيع على استثمار مواردها الذاتية لتكون شريكاً حقيقياً للحكومة اعتمادا على ذاتها.
وتنفذ الوزارة حاليا مع الأمانة السورية للتنمية بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بدمشق مشروعا يهدف إلى تأسيس منتدى للمنظمات الأهلية والوطنية ويتم فيه تحليل للواقع الراهن للجمعيات بمختلف اختصاصاتها.
وتتمثل الأوراق المطلوبة لتأسيس جمعية في سورية التي تحتاج وسطياً إلى 60 يوماً للحصول على الموافقات قراراً بتعيين مندوب الجمعية لاتمام اجراءات الشهر ومحضر انتخاب مجلس الادارة الأول للجمعية موقع من المؤسسين وقائمة متضمنة اسماء المؤسسين وجنسيتهم وسنهم ومهنتهم ومحل اقامتهم ومكان العمل مع عقد تأسيس الجمعية موقع من المؤسسين و نظامها وعقد إيجار بمقر الجمعية أو سند ملكية لمقرها